في الكلمات ، كلمات لا تبليها الأيام ...
هكذا قال عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه عند استماعه الى شعر زهير بن أبي سلمى
وبالفعل هناك كلمات كلما ترددت في الأذن كلما تجددت معانيها و أصبحت متطابقة مع الزمن الذي تلقى فيه ... حتى لو مرت عليها آلاف السنين
ذاك هو حال كثير من خطب يوم الجمعة لجماعة من العلماء الأجلاء حوت الكثير من العظات وعالجت الكثير من المشكلات الدينية والظواهر الاجتماعية والانسانية ...
ارتأيت ان أجعل من هذا الركن موعدا أسبوعيا ان وفقني الله ، لنشرها حتى يتسنى لكل اعضاء منتدانا وزواره الاطلاع عليها والاستفادة مما جاء فيها ...
بعض منها منه ما هو موجود على الشبكة ، والبعض الآخر غير موجود سآخذه من بعض المراجع القديمة بمكتبة والدي
وان تخلفت عن موعدي هذا فأرجو منكم المسامحة وتقبل عذري
أول خطبة ان شاء الله هي للشيخ ابو المنذر فؤاد بن أبو سعيد من مدينة غزة الفلسطينية
وهي بعنوان { فلنكن خير الناس ولا نكن شر الناس } ، يتحدث فيها عن سبل ارتقاء المسلم الى الدرجات العلى من الصلاح والاستقامة بأبسط الأمور التي جاءت بها توجيهات الشريعة الاسلامية
سواء على مستوى العقيدة او المعاملات الدنيوية والأخلاق الاجتماعية ...
لن أطيل عليكم أحبتي ... إليكموها
**************************************************
إنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ، نَحْمَدُهُ، وَنَسْتَعِينُهُ، وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ: {يا أيُّها الذين آمنُوا اتقُوا الله حقّ تُقاته ولا تمُوتُنّ إلا وأنتُم مُّسْلمُون} ).
{يا أيها النّاسُ اتقُواْ ربّكُمُ الّذي خلقكُم مّن نفْس واحدة وخلق منْها زوْجها وبثّ منْهُما رجالا كثيرا ونساء واتقُوا الله الّذي تساءلُون به والأرْحام إنّ الله كان عليكُمْ رقيباً} سورة النساء الآية الأولى.
{يا أيُّها الّذين آمنُوا اتقُوا الله وقُولُوا قوْلا سديداً* يُصْلحْ لكُمْ أعْمالكُمْ ويغْفرْ لكُمْ ذُنُوبكُمْ ومن يُطع الله ورسُولهُ فقدْ فاز فوْزاً عظيماً}
أما بعد؛
فإنَّ خيرَ الحديث كتابُ الله، وخيرَ الهدي هديُ محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وشرَّ الأمور محدثاتُها، وكلَّ محدثةٍ بدعةٌ، وكلَّ بدعةٍ ضلالة.
خير الناس هم من اختارهم الله جلاله لهداية خلقه، وهم أنبياءُ الله ورسله، عليهم الصلاة والسلام فعندما ذكر سبحانه جمعا منهم قال: {.. وَكُلاًّ فَضَّلْنَا عَلَى الْعَالَمِينَ}
والأنبياء والرسل هناك تفاضل بينهم، {تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ} {وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَى بَعْضٍ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا}
وأفضل هؤلاء هم الخمسة أولو العزم، {وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا} {فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ }ثم يأتي بعدهم في التفضيل والخيرية أتباعهم وأنصارهم ومن آمن بهم.
لكن أفضلَّ الناس وخيرَ الرسل والأنبياء هو نبينا محمد صلى الله عليه وسلم عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ يَوْمَ القِيَامَةِ وَلا فَخْرَ، وَبِيَدِي لِوَاءُ الحَمْدِ وَلا فَخْرَ، وَمَا مِنْ نَبِيٍّ يَوْمَئِذٍ آدَمَ فَمَنْ سِوَاهُ إِلاَّ تَحْتَ لِوَائِي، وَأَنَا أَوَّلُ مَنْ تَنْشَقُّ عَنْهُ الأَرْضُ وَلا فَخْرَ» ...، سنن الترمذي وزاد ابن ماجه : «.. وَأَنَا أَوَّلُ شَافِعٍ، وَأَوَّلُ مُشَفَّعٍ، وَلا فَخْرَ، ..».
و«خَيْرُ النَّاسِ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبُو بَكْرٍ، وَخَيْرُ النَّاسِ بَعْدَ أَبِي بَكْرٍ عُمَرُ» ابن ماجه عن على رضي الله تعالى عنه
ثم سائر العشرة المبشرين بالجنة، وآل بين النبوة والسابقين السابقين، لقد جَاءَ جِبْرِيلُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: "مَا تَعُدُّونَ أَهْلَ بَدْرٍ فِيكُمْ؟ قَالَ: مِنْ أَفْضَلِ المُسْلِمِينَ" أَوْ كَلِمَةً نَحْوَهَا، "قَالَ: وَكَذَلِكَ مَنْ شَهِدَ بَدْرًا مِنَ المَلاَئِكَةِ".
وعلى العموم؛ صحابة النبي صلى الله عليه وسلم والأتباع والتبع هم خير القرون، فقد قال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «خَيْرُ النَّاسِ قَرْنِي، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ يَجِيءُ أَقْوَامٌ تَسْبِقُ شَهَادَةُ أَحَدِهِمْ يَمِينَهُ، وَيَمِينُهُ شَهَادَتَهُ»..
إنكم «تَجِدُونَ النَّاسَ مَعَادِنَ، خِيَارُهُمْ فِي الجَاهِلِيَّةِ خِيَارُهُمْ فِي الإِسْلاَمِ، إِذَا فَقِهُوا، وَتَجِدُونَ خَيْرَ النَّاسِ فِي هَذَا الشَّأْنِ أَشَدَّهُمْ لَهُ كَرَاهِيَةً، وَتَجِدُونَ شَرَّ النَّاسِ ذَا الوَجْهَيْنِ الَّذِي يَأْتِي هَؤُلاَءِ بِوَجْهٍ، وَيَأْتِي هَؤُلاَءِ بِوَجْهٍ»
عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «أَلا أُخْبِرُكُمْ بِخَيْرِ النَّاسِ؟ رَجُلٌ مُمْسِكٌ بِعِنَانِ فَرَسِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ. أَلا أُخْبِرُكُمْ بِالَّذِي يَتْلُوهُ؟ رَجُلٌ مُعْتَزِلٌ فِي غُنَيْمَةٍ لَهُ يُؤَدِّي حَقَّ اللَّهِ فِيهَا. أَلا أُخْبِرُكُمْ بِشَرِّ النَّاسِ؟ رَجُلٌ يُسْأَلُ بِاللَّهِ وَلا يُعْطِي بِهِ»
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُسْرٍ، أَنَّ أَعْرَابِيًّا قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ خَيْرُ النَّاسِ؟ قَالَ: «مَنْ طَالَ عُمُرُهُ، وَحَسُنَ عَمَلُهُ» سنن الترمذي
أما في المعاملات؛ فخير الناس من عنده السماحة في بيعه وشرائه، وحسن القضاء والاقتضاء في دين وقرضه، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ رَجُلاً أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَقَاضَاهُ بَعِيرًا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَعْطُوهُ»، فَقَالُوا: مَا نَجِدُ إِلا سِنًّا أَفْضَلَ مِنْ سِنِّهِ، فَقَالَ الرَّجُلُ: أَوْفَيْتَنِي أَوْفَاكَ اللَّهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَعْطُوهُ، فَإِنَّ مِنْ خِيَارِ النَّاسِ أَحْسَنَهُمْ قَضَاءً». . وعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «رَحِمَ اللَّهُ رَجُلا سَمْحًا إِذَا بَاعَ، وَإِذَا اشْتَرَى، وَإِذَا اقْتَضَى».
وعَنِ السَّائِبِ، قَالَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كُنْتَ شَرِيكِي فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَكُنْتَ خَيْرَ شَرِيكٍ، لا تُدَارِينِي، وَلا تُمَارِينِي» والمراد أنه كان شريكا موافقا لا يخالف ولا ينازع.
والمؤمنون لا بد أن تكون بينهم المودة والألفة والائتلاف، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْمُؤْمِنُ يَأْلَفُ وَيُؤْلَفُ، وَلا خَيْرَ فِيمَنْ لا يَأْلَفُ وَلا يُؤْلَفُ، وَخَيْرُ النَّاسِ أَنْفَعُهُمْ لِلنَّاسِ»
والأخلاق الحسنة تجلب الخيرية لصاحبها ففي الحديث: "خير الناس أحسنهم خلقا".
و«خَيْرُ النَّاسِ رَجُلٌ تَنَحَّى عَنْ شُرُورِ النَّاسِ»
انظروا إلى خير الناس، إلى خير المسلمين، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، قَالَ: قُلْنَا يَا رَسُولَ اللهِ، مَنْ خَيْرُ النَّاسِ؟ قَالَ: "ذُو الْقَلْبِ الْمَخْمُومِ، وَاللِّسَانِ الصَّادِقِ"، قُلْنَا: فَقَدْ عَرَفْنَا الصَّادِقَ، فَمَا ذُو الْقَلْبِ الْمَخْمُومِ؟ قَالَ: "هُوَ التَّقِيُّ النَّقِيُّ الَّذِي لا إِثْمَ فِيهِ وَلا حَسَدَ "، قُلْنَا: فَمَنْ عَلَى أَثَرِهِ؟ قَالَ: "الَّذِي يَشْنَأُ =أي يكره= الدُّنْيَا وَيُحِبُّ الآخِرَةَ "، قَالُوا: مَا نَعْرِفُ هَذَا فِينَا إِلاَّ رَافِعٌ مَوْلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَمَنْ عَلَى أَثَرِهِ قَالَ: "مُؤْمِنٌ فِي خُلُقٍ حَسَنٍ"، قَالُوا: أَمَّا هَذِهِ فَإِنَّهَا فِينَا.
وإذا نظرنا إلى الأمراء والمسئولين فمن خيارهم ومن شرارهم؟ عَنْ عُمَرَ ابْنِ الخَطَّابِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «أَلا أُخْبِرُكُمْ بِخِيَارِ أُمَرَائِكُمْ وَشِرَارِهِمْ؟ خِيَارُهُمُ الَّذِينَ تُحِبُّونَهُمْ وَيُحِبُّونَكُمْ، وَتَدْعُونَ لَهُمْ وَيَدْعُونَ لَكُمْ، وَشِرَارُ أُمَرَائِكُمُ الَّذِينَ تُبْغِضُونَهُمْ وَيُبْغِضُونَكُمْ، وَتَلْعَنُونَهُمْ وَيَلْعَنُونَكُمْ»
وبيَّن صلى الله عليه وسلم لأمته مَن شرُّ الناس مكانة؟ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَلا أُخْبِرُكُمْ بِشْرِ النَّاسِ مَنْزِلاً؟» قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ! قَالَ: «رَجُلٌ يُسْأَلُ بِاللَّهِ وَلا يُعْطِي».
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَفَ عَلَى نَاسٍ جُلُوسٍ، فَقَالَ: «أَلا أُخْبِرُكُمْ بِخَيْرِكُمْ مِنْ شَرِّكُمْ؟» قَالَ: فَسَكَتُوا، فَقَالَ ذَلِكَ ثَلاثَ مَرَّاتٍ، فَقَالَ رَجُلٌ: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَخْبِرْنَا بِخَيْرِنَا مِنْ شَرِّنَا، قَالَ: «خَيْرُكُمْ مَنْ يُرْجَى خَيْرُهُ وَيُؤْمَنُ شَرُّهُ، وَشَرُّكُمْ مَنْ لا يُرْجَى خَيْرُهُ وَلا يُؤْمَنُ شَرُّهُ»:
ألا واعلموا أن خير المسلمين «مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ»
و«خير الناس من طال عمره وحسن عمله وشر الناس من طال عمره وساء عمله».
الخيرية تكون للأهل والزوجات والأولاد والأقارب قبل غيرهم، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لأَهْلِهِ، وَأَنَا خَيْرُكُمْ لأَهْلِي»
«خيركم من تعلم القرآن وعلمه».
وشرُّ الناس من اتقاه الناس خوفا من تسلطه وجبروته، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ: أَنَّ رَجُلاً اسْتَأْذَنَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا رَآهُ قَالَ: «بِئْسَ أَخُو العَشِيرَةِ، وَبِئْسَ ابْنُ العَشِيرَةِ». فَلَمَّا جَلَسَ تَطَلَّقَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي وَجْهِهِ وَانْبَسَطَ إِلَيْهِ، فَلَمَّا انْطَلَقَ الرَّجُلُ؛ قَالَتْ لَهُ عَائِشَةُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! حِينَ رَأَيْتَ الرَّجُلَ قُلْتَ لَهُ كَذَا وَكَذَا، ثُمَّ تَطَلَّقْتَ فِي وَجْهِهِ وَانْبَسَطْتَ إِلَيْهِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا عَائِشَةُ! مَتَى عَهِدْتِنِي فَحَّاشًا، إِنَّ شَرَّ النَّاسِ عِنْدَ اللَّهِ مَنْزِلَةً يَوْمَ القِيَامَةِ مَنْ تَرَكَهُ النَّاسُ اتِّقَاءَ شَرِّهِ».
والمحبة على الرفقة والصحبة توجب الفضل والخيرية، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَا تَحَابَّ الرَّجُلانِ إِلاَّ كَانَ أَفْضَلُهُمَا أَشَدَّهُمَا حُبًّا لِصَاحِبِهِ".
و«إن أعظم الذنوب عند الله؛ رجل تزوج امرأة، فلما قضى حاجته منها طلقها، وذهب بمهرها، ورجل استعمل رجلا فذهب بأجرته، وآخرُ يقتل دابةً عبثا».. فكيف بمن يخرب ممتلكات الناس، ويدمر أموالهم، ويعبث بأعراضهم؟؟
و«إن أعظم المسلمين في المسلمين جرما: من سأل عن شيء لم يحرم على المسلمين فحرم عليهم من أجل مسألته» .
و«إن أعظم الناس عند الله فرية: لرجل هاجى رجلا؛ =أي ذكره بصفات سيئة= فهجا القبيلة =أي ذمها= بأسرها، ورجل انتفى من أبيه وزَنَّى أمَّه».
و«إن أفضل عباد الله يوم القيامة: الحمادون». أي دائمو الحمد على السراء والضراء.
و«تَجِدُ مِنْ شَرِّ النَّاسِ يَوْمَ القِيَامَةِ عِنْدَ اللَّهِ ذَا الوَجْهَيْنِ، الَّذِي يَأْتِي هَؤُلاَءِ بِوَجْهٍ، وَهَؤُلاَءِ بِوَجْهٍ». وهم الخون والمغتابون والنمامون.
وفي العقائد من هم شر الناس؟
عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ المُؤْمِنِينَ، أَنَّ أُمَّ حَبِيبَةَ، وَأُمَّ سَلَمَةَ ذَكَرَتَا كَنِيسَةً رَأَيْنَهَا بِالحَبَشَةِ فِيهَا تَصَاوِيرُ، فَذَكَرَتَا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «إِنَّ أُولَئِكَ إِذَا كَانَ فِيهِمُ الرَّجُلُ الصَّالِحُ فَمَاتَ، بَنَوْا عَلَى قَبْرِهِ مَسْجِدًا، وَصَوَّرُوا فِيهِ تِلْكَ الصُّوَرَ، فَأُولَئِكَ شِرَارُ الخَلْقِ عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ القِيَامَةِ» .
إن الذين يقرءون القرآن ولا يعملون بما فيه، بل يخالفونه بآرائهم وأهوائهم هم من الأشرار، عَنْ أَبِي ذَرٍّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ بَعْدِي مِنْ أُمَّتِي، أَوْ سَيَكُونُ بَعْدِي مِنْ أُمَّتِي قَوْمٌ يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لا يُجَاوِزُ حُلُوقَهُمْ، يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ، ثُمَّ لا يَعُودُونَ فِيهِ، هُمْ شِرَارُ الْخَلْقِ وَالْخَلِيقَةِ».
الخطبة الثانية
الحمد لله؛
سمات خيار المسلمين ظاهرة، وصفاتهم بادية، رؤويتهم تذكر بالله، عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ يَزِيدَ قَالَتْ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَلا أُخْبِرُكُمْ بِخِيَارِكُمْ؟". قَالُوا: بَلَى! قَالَ: "الَّذِينَ إِذَا رُؤوا ذُكِرَ اللَّهُ، أَفَلا أخبركُم بِشِرَارِكُمْ؟". قَالُوا: بَلَى! قَالَ: "الْمَشَّاؤُونَ بِالنَّمِيمَةِ، المفسدون بين الأحبة، الباغون بالبراء العنَتْ".
أما كثرة الكلام والثرثرة والتشدق فهي من صفات الأشرار، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "شِرَارُ أُمَّتِي الثَّرْثَارُونَ، الْمُشَّدِّقُونَ الْمُتَفَيْهِقُونَ، وخيار أمتي أحاسنهم أخلاقاً".. ما أكثر الأشرار واللئام في هذا الزمان على وسائل الإعلام وفي الميادين العامة والخاصة، "إن من شرار أمتي الذين غذوا بالنعيم، الذين يطلبون ألوان الطعام، وألوان الثياب، يتشدقون بالكلام".
إنها "ستكون هجرة بعد هجرة، فخيار أهل الأرض ألزمهم مهاجر إبراهيم، =أي الشام=، ويبقى في الأرض شرار أهلها، تلفظُهم أرضوهم، تقذرهم نفس الله، وتحشرهم النار مع القردة والخنازير".
عن أبي سَعِيدٍ الخُدْرِيَّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدِيثًا طَوِيلاً عَنِ الدَّجَّالِ، فَكَانَ فِيمَا حَدَّثَنَا بِهِ أَنْ قَالَ: "يَأْتِي الدَّجَّالُ، وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْهِ أَنْ يَدْخُلَ نِقَابَ المَدِينَةِ، بَعْضَ السِّبَاخِ الَّتِي بِالْمَدِينَةِ، فَيَخْرُجُ إِلَيْهِ يَوْمَئِذٍ رَجُلٌ هُوَ خَيْرُ النَّاسِ، أَوْ مِنْ خَيْرِ النَّاسِ، فَيَقُولُ: أَشْهَدُ أَنَّكَ الدَّجَّالُ؛ الَّذِي حَدَّثَنَا عَنْكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدِيثَهُ، فَيَقُولُ الدَّجَّالُ: أَرَأَيْتَ إِنْ قَتَلْتُ هَذَا، ثُمَّ أَحْيَيْتُهُ هَلْ تَشُكُّونَ فِي الأَمْرِ؟ فَيَقُولُونَ: لاَ، فَيَقْتُلُهُ ثُمَّ يُحْيِيهِ، فَيَقُولُ حِينَ يُحْيِيهِ: وَاللَّهِ مَا كُنْتُ قَطُّ أَشَدَّ بَصِيرَةً مِنِّي اليَوْمَ، فَيَقُولُ الدَّجَّالُ: أَقْتُلُهُ؟ فَلاَ أُسَلَّطُ عَلَيْهِ"
وقَالَ عَبْدُ اللهِ: لا تَقُومُ السَّاعَةُ إِلاَّ عَلَى شِرَارِ الْخَلْقِ، هُمْ شَرٌّ مِنْ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ، لا يَدْعُونَ اللهَ بِشَيْءٍ إِلاَّ رَدَّهُ عَلَيْهِمْ، فَبَيْنَمَا هُمْ عَلَى ذَلِكَ أَقْبَلَ عُقْبَةُ بْنُ عَامِرٍ، فَقَالَ لَهُ مَسْلَمَةُ: يَا عُقْبَةُ، اسْمَعْ مَا يَقُولُ عَبْدُ اللهِ، فَقَالَ عُقْبَةُ: هُوَ أَعْلَمُ، وَأَمَّا أَنَا فَسَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: «لا تَزَالُ عِصَابَةٌ مِنْ أُمَّتِي يُقَاتِلُونَ عَلَى أَمْرِ اللهِ، قَاهِرِينَ لِعَدُوِّهِمْ، لا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَالَفَهُمْ، حَتَّى تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ وَهُمْ عَلَى ذَلِكَ»، فَقَالَ عَبْدُ اللهِ: أَجَلْ! «ثُمَّ يَبْعَثُ اللهُ رِيحًا كَرِيحِ الْمِسْكِ؛ مَسُّهَا مَسُّ الْحَرِيرِ، فَلا تَتْرُكُ نَفْسًا فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةٍ مِنَ الإِيمَانِ إِلاَّ قَبَضَتْهُ، ثُمَّ يَبْقَى شِرَارُ النَّاسِ عَلَيْهِمْ تَقُومُ السَّاعَةُ».
وعَنِ الأَشْعَرِيِّ، أَنَّهُ قَالَ لِعَبْدِ اللَّهِ: تَعْلَمُ الأَيَّامَ الَّتِي ذَكَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيَّامَ الهَرْجِ؟ ... قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مِنْ شِرَارِ النَّاسِ مَنْ تُدْرِكْهُمُ السَّاعَةُ وَهُمْ أَحْيَاءٌ»
"اللهم توفنا مَعَ الأَبْرَارِ، وَلا تُخَلِّفْنا فِي الأشرار، وألحقنا بالأخيار".
"ربنا أصلح بيننا، واهدنا سبل الإِسْلامِ، وَنَجِّنَا مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ، وَاصْرِفْ عَنَّا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهْرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ، وَبَارِكْ لَنَا فِي أَسْمَاعِنَا وَأَبْصَارِنَا وَقُلُوبِنَا وَأَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا، وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ، وَاجْعَلْنَا شَاكِرِينَ لِنِعْمَتِكَ، مُثْنِينَ بِهَا، قَائِلِينَ بِهَا، وأتممها علينا".
"جَعَلَ اللَّهُ عَلَينا صَلاةَ قَوْمٍ أَبْرَارٍ، لَيْسُوا بِظَلَمَةٍ وَلا فُجَّارٍ، يَقُومُونَ الليل، ويصومون النهار".
تعليق